الثلاثاء، 27 مارس 2012

دور مصر فى قيام منظمة الوحدة الإفريقية

مقدمة/
علاقة مصر بأفريقيا ليست بالبسيطة بل هى جزء لا ينفصل عن القارة تلك الدولة الفرعونية العتيقة إبنة قارة أفريقيا ،وبوابة القارة الشرقية تجاه قارة آسيا ،وبوابتها نحو قارة آوروبا أيضًا .
تلك الجذور لا ترتبط بالحدود وحسب بل شريان الحياة لدى مصر الآتى من رحم أواسط أفريقيا والذى يؤكد أواصل الارتباط المصرى الأفريقى والحضارات التى نشأت فى السودان وغيرها من دول أفريقيا والتى تواصلت بشكل أو بآخر بالحضارة المصرية القديمة ؛ مرورًا بالعصور المختلفة ومصر حلقة الوصل بين آوروبا ومستعمراتها فى جنوب القارة.
إلى أن جاءت مصر الحديثة على يد "محمد على" والذى قامت فى عهده وعهد أسرته فيما بعد، كثير من الرحلات والحملات المصرية لكل من السودان والصومال وإريتريا ووصلت حتى شمال أوغندا ، وكان لمحمد على دورا كبيرا فى تأسيس مدينة الخرطوم بين عامى 1820 ــ 1825 م وأصبحت منذ عام 1830 عاصمة السودان إلى جانب إنشاء عدد من المدن الأخرى مثل كسلا ، وكما أنشئت دور الحكومة وثكنات للجيش والمتاجر والمساجد .وإمتد الأمرإلى مد خطوط السكك الحديد إلى السودان ،والسياسة المصرية  داخل أفريقيا بوجه عام كانت تشمل كافة مناحى الحياة من أمن وزراعة وتجارة وحياة إجتماعية .
ورغم هذه المساعى فلم تحول دون وقوع القارة تحت براثن الإستعمار الأوروبى وتمزيق أوصالها بين القوى الإمبريالية ،حتى حينما اجتمعوا لمناقشة أحوال القارة فى "برلين" بين عامى 1884 – 1885 ، وكان تجمعهم من شأنه تنسيق ووضع ضوابط حول كيفية تقسيم القارة بينهم دون تعدى على منطقة الآخر.
وما لبث المواطن الأفريقى أن يرى هذا يدور بأوطانه إلا وشارك فى مؤتمرات شتى على المستوى الإفريقى والآسيوى أيضًا،على سبيل المثال لا الحصر (مؤتمر نيودلهى 1949 لبحث أزمة الاستعمار الهولندى لأندونيسيا،المؤتمر الآسيوى الأفريقى والذى كان مقره باندونج وأسفر عن إعلان دول "عدم الإنحياز" عام 1955) وغيرها من المؤتمرات المشتركة التى تناهض سياسة الإستعمار للقارتين.ولانغفل مؤتمر "الجامعة الفريقية" الذى بدأ عام 1900 والذى كان شعار مؤتمره الخامس (ياشعوب المستعمرات اتحدوا) ودوره فى تكوين جبهة وطنية من العمال والفلاحين .
تمهيد/
بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 على يد الضباط الأحرار وإثبات نجاحها على المستوى المحلى داخل القطر المصرى كان الدور على علاقات مصر بالعالم الخارجى بعد ثورة 23 يوليو وخاصة العالم الذى تنتمى إليه مصر إقليميًا وخاصة دول إفريقيا.
قد شهد العالم وقتها تغييرات فى ميزان القوى ومخاض فكرى وسياسى على كافة الأقطار خاصة فى دول العالم الثالث ،وحركات التحرر الوطنى التى نادى بها أهل البلاد التى وقعت تحت يد القوى الإستعمارية آنذاك والتى تمثلت فى دول آوروبا خاصة ، وبداية إستقلال عدة دول إفريقية فى الفترة ما بين 1950 و 1985 منها (تونس ، ليبيا ، السودان ، مراكش ، غانا ، غينيا) ولم يكن قبل ذلك الوقت حتى عام 1949 دول إفريقية مستقلة سوى (مصر ، ليبريا ، جنوب إفريقيا ، أثيوبيا) .
ونجد هنا أن أكثر من 200 مليون نسمة تمتعت بالإستقلال داخل إفريقيا واجتمع ممثلى الشعوب الإفريقية فى مؤتمرات مثلت أصواتهم المستقلة.
*المؤتمرات السابقة لمنظمة الوحدة الإفريقية:-
1-    مؤتمر الشعوب الإفريقية الأول
كان مقره العاصمة الغانية "أكرا" حيث اجتمع أكثر من ثلثمائة مندوب يمثلون 62 هيئة شعبية فى إفريقيا ؛ فى الفترة مابين 5 إلى 13 ديسمبر لعام 1958 م .
نوقش فيه مشكلة التفرقة العنصرية فى أنحاء القارة وكيفية مساندة الحركات التحررية فى كل من (الجزائر وأنجولا وغيرهما من البلدان الإفريقية)
2-    مؤتمر الشعوب الإفريقية الثانى
عقد فى تونس فى الفترة مابين 25 – 31 يناير لعام 1960 م، وهنا ظهرت النقابات فى إفريقيا داخل المؤتمر وكان النقاش يدور حول التطورات التى طرأت على القاهرة بعد مؤتمر أكرا وماتلاها من أفكار حول قيام مشروع وحدة غفريقية لتوحيد الصف الإفريقى.
3-    مؤتمر وزراء خارجية الدول الإفريقية المستقلة
فى أديس أبابا عام 1960 ،قام وزراء الخارجية الأفارقة بعرض ماتم مناقشته فى مؤتمرى أكرا وتونس وما يتعلق بحركات التحرر الوطنى والتواجد الفرنسى فى الجزائر وخرجت التوصيات تنادى بضرورة إنشاء "مجلس التعاون الاقتصادى الإفريقى" و " مجلس أفريقى للتعاون الثقافى والتربوى" .
4-    مؤتمر أقطاب أفريقيا
أقيم هذا المؤتمر فى الدار البيضاء وكان بحضور الملك محمد الخامس ملك المغرب والرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة ، وكوامى نكروما رئيس جمهورية غانا ، و أحمد سيكوتورى رئيس جمهورية غينيا ، و موديبو كيتا رئيس جمهورية مالى و ممثل عن الملك إدريس الأول ملك ليبيا وفرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرى آنذاك وكان إجتماعهم فى الفترة مابين 4 – 7 يناير 1961 م.
وتم مباحثة وضع إقليم روندا  وتأييد كفاح أنغولا وتونس ومشروع الدفاع الإفريقى المشترك فى حال الإعتداء على أى جزء بالقارة.
5-    مؤتمر الشعوب الإفريقية الثالث
تم هذا المؤتمر بالقاهرة فيما بين 25 – 30 مارس لعام 1961 ، وألقى فيه جمال عبد الناصر خطبة افتتاحية دارت حول معركة الكونغو وما هى إلا خطوة فى سبيل التحرر.
وقد لاقى المؤتمر تأييد من قبل الصين والاتحاد السوفييتى و بعض زعماء الحركات الإفريقية التحررية .
وخرج المؤتمر بتوصيات إنشاء وكالة أنباء إفريقية ، وبنك إفريقى للإستثمار وصندوق لتحرير إفريقيا تدعمه الدول المستقلة ، والتركيز على دور التعليم فى تنمية الروح الإفريقية.
كانت هذه المؤتمرات وما سبقها من مؤتمرات على مستوى البقاع المستعمرة خطوة نحو تأصيل فكرة الوحدة الإفريقية والتى لم تكن وليدة اللحظة بل جاءت بناء على ارتباط جغرافى وقومى قديم جددته روح حركات الكفاح الوطنى التحررية وساعدت على إيجاده حركات الإستقلال وخاصة بمصر إبان قيام ثورة 23 يوليو.
·       مؤتمر الميثاق (مؤتمر القمة الإفريقى) :-
فى الفترة ما بين 22 – 25 مايو لعام 1963 م ، عقد بمدينة أديس أبابا مؤتمرًا للقمة حضره 30 رئيس إفريقى لمناقشة سبل التعاون فيما بينهم والعمل على تحرير الدول الافريقية المستعمرة.
وكان وجه الإحتفال الإقليمى والعالمى بالحدث عظيم الشأن حيث إعتاد الأفارقة مناقشة قضاياهم المحورية خارج نطاق القارة أما الآن فصارت دول إفريقيا أكثر إستقلالًا وباحثة عن طريق الحرية لباقى جيرانها.
·        أحداث المؤتمر:-
قام الإمبراطور "هيلاسلاسى" بإلقاء الكلمة الإفتتاحية ،ناشد فيها كافة القوى والرؤساء الأفارقة حول توثيق روح التعاون فيما بينهم والتوجه نحو تشكيل إفريقيا بناء على رغبة شعوبها ؛ وحث الروؤساء حول عدم مغادرة أديس أبابا دون إقامة منظمة وحدة إفريقية تجمعهم تحت لواءها .
وكذلك كلمة الرئيس جمال عبدالناصر تحثهم على التصدى لأوجه التخلف والإستعمار تحت منظومة وحدة إفريقية ولعل عبد الناصر كانت تراوده رؤى الإتحاد المصرى مع قوى عدة من أجل حرية البلدان وكان سبقها بالوحدة مع سوريا ولا سيما أن هذه الأفكار كان قد ذكرها بكتابه "فلسفة الثورة" حول حلم الوحدة )إننا لا نستطيع اليوم أن نقف بأى حال بمعزل عن الصراع الدامى المخيف الذى يدور اليوم فى أعماق القارة ذلك لأننا نحن من أهل أفريقيا، وبلادنا هذه القارة، وأهلها جميعاً يتطلعون إلينا على إعتبارنا حراس بابها الشمالى الشرقى الذى يوصل أوروبا بالشرق الأقصى كله ولسوف أظل أحلم باليوم الذى أجد فيه  "القاهرة" معهداً ضخماً لأفريقيا يسعى لكشف القارة أمام أعيننا ويخلق فى عقولنا وعياً أفريقياً مستنيراً يشترك مع كل العاملين فى أنحاء الأرض لتقدم شعوب أفريقيا  ورفاهيتها، ولا نستطيع أن نتنحى عن مسئوليتنا فى المعاونة بكل ما نستطيع لنشر الثورة والحضارة حتى أعماق القارة العذراء ولن نستطيع أن نقف أمام الذى يحدث فى أفريقيا ونتصور أنه لا يمسنا ولا يعنينا).
·        مسائل بحث المؤتمر:-
1-    الوحدة الإفريقية.
2-    القضاء على الإستعمار.
3-    القضاء على التفرقة العنصرية.
4-    تنمية التعاون بين الدول الإفريقية.
5-    إعلان عدم الإنحياز ،وإزالة القواعد العسكرية من القارة.

وفى الليلة الختامية يوم 25 مايو تم التصديق على قرارات المؤتمر وإعلان ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية ،وثارت مشكلة حول اللغة الرئيسية واختير مابين الانجليزية والفرنسية ،وأبدى عبد الناصر وجه الاعتراض حيث من العار أن نستخدم لغات أجنبية ونحن نملك من اللغات المحلية الكثير. حتى إستقر الأمر حول العربية والأمهرية كأشهر لغتين محلية داخل القارة واعتبارهما لغتان رسميتان للمنظمة بالإضافة للغتين الانجليزية والفرنسية، والمقر الرسمى للمنظمة مدينة "أديس أبابا".
وخرج علينا الميثاق مصدق من قِبل الدول الإفريقية المستقلة الموقعة على هيئة 33 مادة :-
·        مادة 1:- تعلن فيها الأطراف المتعاقدة عن إنشاء منظمة تضم دول القارة الأفريقية ومدغشقر والجزر المجاورة للقارة.
·        مادة 2:- تحديد أغراض المنظمة وهى :-
1-    تشجيع وحدة وتضامن الدول الإفريقية.
2-    تنسيق تعاون دول المنظمة والجهود المبذولة فى سبيل تحقيق حياة أفضل.
3-    الدفاع عن سيادة الدول المنظمة.
4-    القضاء على كافة صور الإستعمار داخل القارة.
·        مادة 3:- مبادىء أعضاء المنظمة :-
1-    عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول.
2-    تسوية المنازعات بطريقة سلمية.
3-    احترام سيادة كل دولة.
4-    المساواة فى السيادة لجميع الدول.
5-    استنكار أعمال الاغتيال السياسى.
6-    تأكيد سياسة عدم الانحياز تجاه      التكتلات.
·        مادة 4:- تختص بالعضوية وهى حق لكل دولة إفريقية مستقلة ولها سيادة.
·        مادة 5،6:- واجبات وحقوق الدول الأعضاء.
·        المواد 7-19:- تختص بالهيكل التنظيمى لمجالس المنظمة واختصاصاتهم.
·        المواد 20-22:- تختص بتشكيل اللجان المتخصصة.
·        المادة 24:- اختصت بالتصديق على الميثاق وفتح باب العضوية أمام جميع الدول الإفريقية.
·        المواد 25-27:- بدء العمل بالميثاق فور تسلم الحكومة الإثيوبية لمستندات الموافقة.
·        المادة 28:- تقرير انضمام أى دولة جديدة تتم بتصويت الغلبية المطلقة.
·        المادة 29:- تحديد اللغات الدائمة للمنظمة.
·        المواد 30-32:- تتحدث عن المنح المقدمة للمنظمة وحصانات موظفيها.
·        المادة 33:- تتعلق بكيفية تعديل أو تصحيح الميثاق ، حسب تقديم الطلبات أو الإقتراحات من الدول الأعضاء.
*الدور المصرى فى منظمة الوحدة الإفريقية:-
لا شك أن أغلب ماجاء داخل إطار الميثاق كانلعبد الناصردورًا بارزًا فيه،ولقد أقيم أول مؤتمر بعد إعلان الميثاق فى مصر فى الفترة ما بين 17-21 يونيو 1964م.
وواجه المنظمة مشكلات عدة وكان على إثرها صدور النقاط الآتية:-
1-    ضرورة المحافظة على الميثاق والعمل على استمرار فاعلية المنظمة .
2-    احترام وحدة التراب الوطنى للدول.
3-    عدم فتح الباب للتدخلات الأجنبية.
وإستمرت مؤتمرات قمة منظمة الوحدة بالإنعقاد فى عدة إفريقية شتى ولكن تضاءل الدورالمصرى قليلًا بسبب ماحدث من أحداث النكسة 1967م وماتلاها من أحداث حرب ومحاولات بناء مصر ،حتى عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وقد تولى رئاسة المنظمة فى الفترة مابين مايو 1989 إلى مايو 1993م .
وتوالت مشكلات عدة داخل القارة مابين حرب أهلية فى ليبريا ونزاعات بين ليبيا وتشاد با لإضافة لأزمة جنوب السودان والتى انفصلت عن شمال السودان فى عام 2011 م.
·        إنجازات الدور المصرى من خلال المنظمة:-
1-    نجاح مبارك فى إيقاف الحرب بين موريتانيا والسنغال.
2-    احتواء الأزمة التشادية الليبية.
3-    الجهود المبذولة فى قضية الزعيم "نيلسون مانديلا" والتى أسفرت عن الإفراج عنه.
4-    استقلال ناميبيا.
5-    تكليف وزارة الخارجية بإنشاء برنامج لتدريب كوادر الدول الأفريقية على مهمات حفظ السلام .
وكان مؤتمر القمة الثلاثين بالقاهرة دور هام فى تنشيط فكرة التعاون افقتصادى من جديد خاصة فى ظل تولى مصر رئاسة المنظمة مرتين متتاليتين.
·       إنجازات المنظمة:-
1-    نجحت المنظمة فى مكافحة القوى الإستعمارية داخل القارة ،وإستطاعت أن تساند حركات التحرر فى ربوع القارة،وعلى اثرها قامت "البرتغال" بتسليم موزمبيق ، وانجولا ، وغينيا بيساو.
2-    محاربة التفرقة العنصرية سواء فى جنوب إفريقيا أو غرب إفريقيا أو زيمبابوى ،ودعت الدول لمقاطعة جنوب إفريقيا إقتصاديًا حتى قامت بالإفراج عن مانديلا ثم اختياره رئيسًا للبلاد فى عام 1994م.
3-    الاهتمام بمشكلات النزاعات حول الحدود.
4-    مواجهة المشكلات الإقتصادية من حيث تعزيز المجموعات الاقتصادية داخل القارة أو تعزيز فكرة التكامل الاقتصادى.
5-    انشاء آلية لحل المنازعات الافريقية سلميًا وذلك فى مؤتمر القمة بالقاهرة عام1993م وقد نجح إلى حد ما فى تحقيق أهدافه.
ومع دور مصر المبذول قام الرئيس الليبى السابق معمر القذافى  فى مؤتمر القمة بمدينة "سرت" بليبيا فى تاريخ 9 سبتمبر لعام 1999م.
في شهر يوليو سنة 2001 قرر مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية المنعقد في لوساكا عاصمة زامبيا الانتقال من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي.
ولا شك أن مصر لعبت دورًا عظيمًا فى سبيل وحدة إفريقية من أجل الحرية والتنمية وكانت فى أوجها وقت عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلا أن وقوع مصر فى دائرة الإشتباكات مع إسرائيل وإنشغالها فى قضية التسليح والتعبئة العامة حال دون إستمرارية التواجد المصرى بنفس القوة الأولى داخل القارة...

الاثنين، 5 مارس 2012

ملخص تقرير عن حضارة نباتا

حضارة نباتا (Napata)
مقدمة /
لا شك أن قارة أفريقيا قد ساهمت فى صنع التاريخ البشرى بصورة أو بأخرى فتشير بعض الآراء أن الإنسان الأول ظهوره كان فى هذه القارة البِكر والتى رغم تكوينها العُمرى إلا أننا نعتبرها بِكر لم تستغل طبيعتها بعد بالصورة المثلى .
وقد قامت بها حضارات عظيمة ساهمت فى صنع التاريخ على مر العصور ،خاصة فى التاريخ القديم فقد نشأت بها حضارات فى مصر وبلاد النوبة وبلاد السودان القديم وغيرها.
وهنا على سبيل المثال بلاد النوبة قسمت حسب مجموعات حضارية هى كالتالى:-
-         المجموعة الأولى A.Group
-         المجموعة الثالثة C.Group
-         المجموعة المجهولة  X.Group
وتقريرنا هنا عن حضارة نباتا والتى تنتمى إلى المجموعة الثالثة C.Group  طبقًا لتقسيم العلماء والذى كان تباعًا لطراز المقابر.

تمهيد:-
فى أعقاب الأسرة العشرين المصرية حكم مصر ملوكــً ضِعاف والذى نتج عن حكمهم إضطرابات عمت أرجاء البلاد المصرية وقد نتج عنها تدهور الأحوال الاقتصادية ، بل إمتدت يد الخراب إلى المقابر ولم تترك مقبرة إلا وقد تم العبث بمحتوياتها ،مما إضطر الكاهن الأكبر لأمون أن يجمع كافة المقابر وقام بوضعها داخل خبيئة بالديرالبحرى ولكنه والموميات لم يسلموا من يد اللصوص.
مما أحزن الكهنة وإضطرهم إلى أن يرحلوا عن طيبة بالكامل وقد كانت الوجهة إلى مدينة "نبته" تاركين أرض مصر وراءهم.

التقرير:-
أرض نبته ذات موقع خصب فهى مدينة كبيرة تقع قرب الشلال الرابع ،والنيل يجرى بجوارها وتحيط بها المزارع الواسعة ،وتقع على مفترق طرق القوافل الآتية من الجنوب إلى الشمال والعكس،مما أدى إلى ثراء أهلها.وإستمرت من عام  747 ق.م حتى 656 ق.م .
واحتك كهنة آمون المصريين بالشعب النبتى دينيًا مما هيا الفرصة لحكام نبتة الوطنين أن يعلنوا أنفسهم حكامًا مستقلين فى مناطقهم.وقويت عبادة آمون فى نبتة وجاءت تصريحات الحكام معلنة أن "طيبة" وما يقع جنوبها هو جزء من مملكتهم،ونظر النوبيون لمدينتهم على أنها "طيبة النوبية"
وكان من أشهر ملوك النوبة آنذاك والذى توصلنا إليهم عن طريق إكتشافات الأثرى "ريزنر" لجبانات ملوك النوبة والأهرامات الأربعة لــــ ] بيعنخى،شبكا ،شبتاكا، تانوت آمون [ وتقع جنوب مدينة نباتا وفى الجهة المقابلة لها عُثر على مقبرة الملك تهرقا.
ويرجع بعض العلماء أصول ملوك نباتا إلى ثلاثة أصول مختلفة وكل فئة صنفت رأيها حسب ما رأته دليل.
* الأصل المصرى .
·        الأصل الليبى.
·        الأصل النوبى.
نجد أن رأى مال إلى أن ملوك نباتا يعود أصلهم إلى "مصر" :-
حيث يشيروا إلى المصريون الذين هاجروا على الجنوب فى عهد الأسرة 22 الليبية ،وكونوا مجتمعًا مصريًا فى النوبةالعليا وظلوا بنفس تقاليدهم ومعبوداتهم أيضًا حتى صار للكهنة المصريين دور بارز فى الحكم ولربما الرغبة فى ضم طيبة العاصمة الدينية المصرية إلى حكم نباتا.
ويرجع هذا الرأى إلى التدين الواضح لدى ملوك الأسرة وعادات الفن والعمارة بل وطريقة كتابة أسماؤهم داخل خراطيش كما كان لدى ملوك مصر.
ووجه الإعتراض أن هؤلاء اتخذوا أسماء نوبية ودفنوا بالسودان ولم يدفنوا بمصر.
وأصحاب الرأى الليبى يرجع إلى :-
يرى "ريزنر" أن الأصل يعود إلى ذات الأسرة التى كانت تحكم مصر وقتها وهى الأسرة 22 الليبية.
والرأى النوبى يعود إلى :-
التكوين الجسمانى حيث الملامح الزنجية البارزة لدى الملوك وطقوس اختيار الملك والتى تقوم بها الأم وما يليه من شعائر التتويج،وإعتمادهم على قانون انتقال السلطة إلى الأخوة ثم الأبناء، والطقوس الجنائزية المماثلة لبلاد النوبة،ولكن يرى د/محمد إبراهيم بكر أن من حكم نباتا هم ملوك من أصل مروى .

إمتداد حكم ملوك نباتا داخل مصر:-
امتد سلطان بيعنخى7 75ق.م إلى الشمال ،وقد عثر على شاهد من الجرانيت فى معبد بجبل البرقل نقش عليه باللغة الهيروغليفية أخبار الحملة التى قادها نحو مصر.
وبعد ذلك حارب تف-نخت، أحد ملوك الأسرة الرابعة والعشرين الذى كان يحكم فى مصر السفلى، وأجبره على الإختباء فى مستنقعات الدلتا
.
وكوسيلة للسيطرة على السلطة الدينية فى مصر، أجبر بيعنخى الزوجة الإلهية لآمون، شبن-أوبت، إبنة أوسركون أحد ملوك الأسرة الثالثة والعشرين، على تبنى أخته أمنرديس، وذلك لنقل تلك السلطة الدينية لأيدى الأسرة النوبية.
كما حصل على استسلام الإمارات المصرية الأخرى وقد سجلت كل تفاصيل تلك الحملة على لوحة محفوظة فى المتحف المصرى كما ترك لنا بعض الآثار فى مصر خلافاً لتوسعاته فى معبد آمون بطيبة.
وبعد استقرار نصاب الأمور فى مصر، عاد بيعنخى للنوبة، ربما لأنه اعتبر نباتا عاصمته الحقيقية، ولأنه لم يرد أن يحكم مصر بنفسه، إلا أنه بعودته، تشجع تف-نخت على بسط سلطانه على كل غرب الدلتا. وأسس الأسرة الرابعة والعشرين. وبعد ذلك استطاع خلفاء الملك بيعنخى أن يعيدوا بسط نفوذهم على كا أنحاء مصر لفترة ليست بقصيرة.
وبعد حكم بيعنخى تولى الملك شبكا والذى أضاف لمعبد الكرنك جزء لا يزال يحمل إسمه .
والملك تهرقا قد كان عهده ملىء بالنشاط العمرانى داخل مصر وبلاد كوش ونجد له معبد بسمنه وأرسل إليه أمهر الحرفيين لبناءه وتزيينه .
وعثر له أيضًا على مرسى الكرنك بعض الآثار ومقاييس للنيل فى سنوات متعددة .
ولعل إرتباطهم الوثيق بمصر كان سبب لسقوط هذه الحضارة بعدما غزا الآشوريين مصر وبعدها بلاد الجنوب على أنها جزء لا ينفصل عن مصر.

مظاهرالحياة فى نباتا:-
·       الحياة الاجتماعية:-
ساد البلاد نظام إقطاعى حيث قسمت البلاد إلى اقطاعيات كبيرة على رأس كل منها أمير وكانوا يتمتعون بثراء كبير.
·       الحياة الدينية:-
كانت لعبادة آمون رع مكانة فى نفوس الأسرة الكوشية وكانوا يتبعون الشعائر المصرية،ووهب الملوك الهدايا إلى المعابد والكهنة وكان إلى جانب آمون رع الإله "دحون" الاله القوى لبلاد النوبة .
·       الحياة الاقتصادية:-
كانت بلاد السودان هى المصدرالرئيسى للذهب والأحجار الكريمة وإشتهر ملوك كوش بالثراء واهتموا بإقتناء الخيول وعثر لهم على مقابر عدة مما جعل العلماء يشبهونهم بمماليك مصر الذين حكموا فى العصر الحديث.
ونظرًا لموقع نباتا فقد تقدمت الزراعة وحرفة الرعى والصناعات.
·      الحياة الثقافية:-
من دراسة اللوحات المنسوبة للملك بيعنخى فى جبل البرقل ولوحة الملك شبكا بمنف استنتجت العلماء انه وجد فى هذا العصر طبقة من الكتاب تأثرت كتاباتهم بالكتابات المصرية وقد عثر على وثائق خاصة بالمعاملات بين الأفراد والعقود المتعلقة بالبيع والشراء ،وقد كانت مكتوبة بالديموطيقية وهى الكتابة الشعبية المصرية التى تطورت فيما بعد من الهيراطيقية.
ختامًا /
لا شك أن حضارة نباتا ساهمت بدور حضارى داخل العاصمة وامتدا لبلاد النوبة ولعل ارتباطها بمصر أثر كذلك على تكوينها الثقافى والدينى بالطبع ولعل هجرة مصريين إليها جعل هناك رابط بين عادات وتقاليد مصر والجنوب والتى دعت العلماء إلى الظن بأن ملوكها من أصل مصرى، ولانغفل أن السقوط كان بعد سقوط مصر على يد الآشوريون...